متوسداً تَعبهْ وجذع شجّرةِ برتقالٍ., منشأها سيرةُ هذه الأرضْ وحِكايتها , وجودها ينفي خراباً سيأتي ,ويعَزِزٌ صمودَ الناس في أرضهم ,برغم يقينهِ وتنبؤهِ بما سيحدث, إلا أن الدم لا يقابل إلا بالدم والارض لا تقبلُ ما قل أو رَخصْ معادلةٌ قد أوصاهُ بِها والده ,وسيمرر هو الوصية لأولاده ,حب الأرض عندهم يتنقل بالوراثة ,ولا شيء غيرَ الأرضِ يَحفَظ كرامتَهم .
عجوزٌ تجاوّزَ الستينْ بقلب فتيُ لأرضٍ فتّية , زرعَها بالأمل وحصد الخّير , كل صباح يسبق الشمسَ نحو أرضه , يرعاها بِحّبِ عينيه , يُدلِلها كطفل صغير , إن هو تَعبْ كان حُضن الأرضِ ملاذاً لَهْ , إن جاعَ يأكل مِن خيرها وإن عَطشْ فماءٌ عذبُ بارد يسقيهِ ويسقيها .
لَم يطمئن لهدوءِ ورّغد الحياة , فلسطينيّ لمّاح , تأكد إن هّو مات ,
فديمومةُ الأرضِ حياةٌ له ولأبنائه , كنز لا يفنى , ومشروع تضحية رابح لا مُحالة ,
قبل يومين عاد من يافا الى قريتِه كفر برعم في الشمال بعد زيارة لأقارِبهِ هناك لحضور حفل زفافٍ , علّت فيه أصوات الزغاريدِ والزَجلُ الشعبي , عّم الفرحُ , وسط حضورُ كبير من أهل المدينة , مع ذلك لم يغّبْ عَن بالهِ تلك الأحاسيس المليئه , بالخوف والترقب, أوقد تكون تلكَ آخر أفراحِنا ؟ راح يداري نَفسه ويطرد تلك المخاوفْ من رأسه , ولسان حالهِ يقولْ للأرض رَبٌ يحميها , ويسترها .
بَعد أن أنهى تقليم أشجار البرتقال فهذا الوقت مِن العامِ هو وقت مَنح الأرضِ ما تريد ,
جلسَ تحت ظلِ شجرة وأخذ يَمرُ بِبصره , على طول سَرب الأشجار , فإذا بولدهِ الكبير علي يأتي من بعيد وبيدهِ صُرةَ طعام .
- يعطيك العافية يابا
- أهلا علي اجلس يا ولد
- هاذي شويه أكل من الحجة الك
- الله يحفظكم يا ابني ديروا بالكم على بعض
- ليش يابا مالك ؟ الله يطوللنا بعمرك
- اسمع يا عليّ , أرضك عرضك , شو ما بتعطيها بتعطيك, واياك تفرط فيها ولو على قطع راس ك, الي ما اجاه ولد يا ابني, بيجيه بداله عشرة , والي ضيع قرش بيجيه بداله ألف بس الي بضيع أرض يا ابني يا حسره عليه
- ان شاء الله يابا ولا يهمك
- الوضع يا علي ما بطمن , الأنجليز رح يغدروا فينا , والحرب جايه جايه , اليوم ولا بكره ولا بعد سنه ,
- شو قصدك يابا ؟
- اسمع يا ابني , هاي أرض مباركة , ومقدسة , وكل العالم بطمع فيهّا , ورح يجي يوم ما نرجع نعيش بسعادة في أرضنا , الله وحده أعلم شو الأيام مخبيه النا ..