من هو الرجل اللذي ولد داخل الكعبه
من هو حكيم بن حزام الذي ولد في جوف الكعبة
حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبو خالد القرشي الأسدي ، كان عفيف متعفف ، شهم كريم ، سيد مُطاع ، وكان من أشراف قريش وعقلائها ونبلائها . وكانت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها عمته ، وكان الزبير رضي الله عنه ابن عمه ، عاش مئة وعشرين سنة ، قال البخاري في تاريخه : عاش ستين سنة في الجاهلية ، وستين في الإسلام .
( مولده )
وُلد حكيم في جوف الكعبة ، فقد كانت الكعبة مفتوحة في إحدى المناسبات للزوار وكانت أمه حاملا به ، فما إن دخلت جوف الكعبة حتى جاءها المخاض فجيء لها بنطع ، وولدت في جوف الكعبة هذا الصحابي الجليل .
( الصحبة الصالحه )
كان حكيم بن حزام رضي الله عنه صديقا حميما للنبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة ، وكان أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات ، كان يألف النبي صلى الله عليه وسلم ، ويأنس به ويرتاح إلى صحبته ومجالسته ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبادله ودا بود ، وصداقة بصداقة ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة شخصية جذابة ، محببة ، رقيق الحاشية ، لطيف المعشر ، يألف ويؤلف ، وهكذا المؤمن . ثم جاءت آصرة القربى ، فتوثقت ما بينهما من علاقة وذلك حين تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من عمته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. أما الشيء الذي يدعو للعجب ، أن هذا الإنسان العاقل الفهِم ، الفطن ، حينما ُبعث نبي الإسلام لم يؤمن به ، ولم يصدقه ، وبقي على الشرك عشرين عاما إلى أن فتحت مكة .
( إسلامه )
أسلم حكيم بن حزام إسلاما ملك عليه لبه ، وآمن إيمانا خالط دمه ومازج قلبه ، وآلى على نفسه أن يكفر عن كل موقف .. وكان النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة فاتحا أمر مناديه أن ينادي :
( من شهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فهو آمن ، ومن جلس عند الكعبة فوضع سلاحه فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن .. ) فجعل له شأنا صلى الله عليه وسلم ، فأعانه على نفسه ، وعلى كبريائه . وما كاد يدخل الإسلام ويتذوق حلاوة الإيمان حتى جعل يعض بنانه ندما ، على كل لحظة قضاها من عمره وهو مشرك بالله ، مكذب لنبيه .
رآه مرة ابنه يبكي ، فقال يا أبتاه ما يبكيك ؟ قال رضي الله عنه : ( أمور كثيرة ، كلها أبكتني يا بني ، أولها بُطء إسلامي ، مما جعلني أُسبق إلى مواطن كثيرة صالحة ، حتى لو أني أنفقت ملء الأرض ذهبا لما بلغت شيئا منها ..
ثم قال له : شيء آخر أبكاني ، فإن الله أنجاني يوم بدر وأحد ، فقلت يومئذ في نفسي : والله لا أنصر بعد ذلك قريشا على النبي صلى الله عليه وسلم ، فما لبثت أن جُررتُ إلى نصرة قريش جرا ( في معركة الخندق ) ، ثم إنني كلماهممت بالإسلام وآتي النبي مسلما نظرت إلى بقايا من رجالات قريش ، لهم أسنان وأقدار ، متمسكين بما هم عليه من أمر الجاهلية ، فأقتدي بهم وأجاريهم )
فقد كان يحارب النبي صلى الله عليه وسلم ويعرف أنه رسول ، ويعرف أنه على حق ، ويعرف أنه منصور .
( استعفافه )
بعد غزوة حنين سأل حكيم بن حزام رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنائم فأعطاه ، ثم سأله فأعطاه ، حتى بلغ ما أخذه مائة بعير ، وكان يومئذ حديث عهد بالإسلام ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " يا حكيم ، إن هذه الأموال حلوة خضرة ، فمن أخذها بسخاوة نفس بورك له فيها ، ومن أخذها بإشراف نفس لم يبارك له فيها ، وكان كالذي يأكل ولا يشبع "
فلما سمع حكيم بن حزام رضي الله عنه ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( واللهِ يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق لا أسأل أحدا بعدك شيئا ، ولا آخذ من أحد شيئا بعدك حتى أفارق الدنيا )
وبر حكيم رضي الله عنه بقسمه أصدق البر ، ففي عهد أبي بكر رضي الله عنه دعاه الصديق أكثر من مرة لأخذ عطاء من بيت مال المسلمين فأبى أن يأخذه ، ولما آلت الخلافة إلى الفاروق رضي الله عنه دعاه مرة ثانية إلى أخذ عطاء فأبى أن يأخذه ، فقام عمر رضي الله عنه في الناس
وقال : ( أشهدكم يا معشر المسلمين ، أني أدعو حكيما إلى أخذ عطائه فيأبى )
وظل حكيم رضي الله عنه كذلك لم يأخذ من أحد شيئا حتى فارق الحياة .
( وفاته )
مات سنة أربع وخمسين من الهجرة فرضي الله عنه وأرضاه وكان يقول عند الموت :
( لا إله إلا الله ، قد كنت أخشاك وأنا اليوم أرجوك )