المتابع لما تبثه وسائل الإعلام العالمية والمتابع لما تفضل وتكرم به بعض زعماء العالم العربي من صرف علاوات رواتب أو صرف مبالغ نقدية لكل فرد أو صرف مكافئة بدل محروقات الشتاء من الكاز , أقول المتابع لهذا النمط من التفكير وما يتبعه من تحليل لأسباب هذه الثورة العارمة التي تجتاح العالم العربي يجد أن هذا التحليل والتشخيص ينحصر في أغلبه في الجوع والحرمان وعدم العدالة في توزيع الثروة أو وقوع معظم شعوب هذه المنطقة تحت خط الفقر والعوز , بمعنى أوضح أن هذه ثورة الجوع والبطون الخاوية وأن ما نسمعه من هتافات هي صوت المعدة الخاوية وأصوات الأمعاء الفارغة.
هذه النمطية من التحليل هذ ذات النمطية في التفكير والتحليل والتشخيص الذي اعتمد ليشخص السبب لما عرف بالعمليات لاستشهادية أو الانتحارية التي مارسها شباب وفتيات مسلمون , فانصب التحليل والتشخيص على اليأس والفقر الذي يعانيه هؤلاء الشباب وقسوة الحرمان الذي يدفعهم للإنتحار , وكأن لسان حالهم ( المحللون ) يقول اقذفوا لهم بعض فتات الموائد فتأمنوا أن يخلدوا للنوم ويتركوكم تسرحون في أوطانهم تمتصون خيراتها كما العلقة تمتص الدم.
هؤلاء هم بين نمطين من المحللين .
أما جاهل حقيقي ولا يعي أو يفهم منظومة القيم الخلقية والروحية والثقافة التي عليها هذه الشعوب
أو هو فاقد لهذه المنظومة العالية من الأخلاق والقيم والثقافة لذلك هو يبعد شبحها عن نفسه حتى لا ينكشف أنه على الضد والنقيض.
لماذا ثارت هذه الشعوب ؟؟
حقيقة أنها لم تثر هلعا وشهوة لرغيف الخبز حتى لو لم تتحصل عليه , لكنها ثارت لأن طريق الحصول على رغيف خبز واحد في اليوم تغرق في بحر من الإذلال والامتهان والتركيع قبل التجويع.
حقيقة أنها لم تثر حسدا وحقدا على الكروش المتدلية من فرط الشبع والتي تتجشأ الدولارات والذهب والنفط والغاز والالماس لكنها ثارت على هذه الكروش التي تتجشأ استكبار واستعلاء فوق بقية خلق الله بما تملك فما عادت ترى في هذه الجموع سوى طوابير من العبيد والجواري والدواب وماسحي الأحذية وماسحي جوخ للسادة والباشوات وأباطرة المال المسروق أو المغسول .
حقيقة أنها لم تثر لأنها منعت من التعبير ورفع صوتها برأيها وحقها وفهمها لكل الأمور , لكنها ثارت لأنها أجبرت أن ترفع صوتها بالصلوات والتسبيح بحمد السرطانات والغدد السرطانية والشكر لولي النعمة الممتن بها على خلق الله وكأنه هو من خلقهم وكأنه هو من رزقهم وكأنه هو من نفخ فيهم الروح وأجرى الدماء في عروقهم وإن شاء جمدها رعباً في عروقهم.
حقيقة أنها لم تثر من تغول واستعلاء السلطة وجبروت الحكام وانتفاخ أوداجهم والتهاب حلوقهم وهم يخطبون عن السيادة والأمن القومي والأمن الوطني وسيادة البلد وعزتها , لكنهم ثاروا وهم يرون كل هذه الخطب عن كرامة البلد وسيادته لا يقصد بها العدو الخارجي ولا أي عدو آخر سوى بعضاً من الشعب أو بعض الجيران الضعفاء ممن لا يملكون حولا ولا قوة ولا يملكون ضرا ولا نفعا.
الشعب ثار يبحث عن كرام أمة وعزة أمة وسيادة أمة وإمامية أمة تتقدم الأمم وهي تملك أن تفعل هذا أو تملك أن لا تكون في آخر ذيل الأمم التي لا عداد لها ولا وزن.
هل فهمنا العالم كما فهمنا زين العابدين بن علي !! لا العالم يفهمنا ولا زين ولا حسني ولا هذا الولد الأرعن رئيس العصابة في ليبيا الذي يظن الناس رعاة إبل وحمير عند والده فيتوعدهم بالسوط .
الشعب يريد إسقاط الذلة
الشعب يريد إسقاط المهانة
الشعب يريد إسقاط التبعية
الشعب يريد إسقاط العبودية
الشعب يريد إسقاط النذالة والخيانة
الشعب شبعان , شبعان
موضوع: لماذا ثارت هذه الشعوب !! 
الثلاثاء مارس 01, 2011 4:11 am
