الثورة بحاجة للترشيد
___________________________________________
لعل النجاح الساحق للثورة التونسية والتخلص من نظام زين العابدين بن على قد دفع الدماء الشابة في عروق الأمة وبعث شبابها من جديد .
ثم أتت ثورة مصر لترسخ في الذهن أن هذا المستحيل اصبح ممكناً وأن الشعوب إن أسقطت خوفها من حهة ورفعت نعشها على أكتافها من جهة أخرى فهي قادرة على تحريك الجبال وإسقاط الاصنام.
مع هذا فالثورة في تونس وفي مصر لم تنجز بعد اهدافها أو بالأصح لم تتم نصرها صحيح أن بن على قد احترق وأن مبارك قد غاب عن المشهد وأن القذافي حوصر في قلعته لكن الثورة لم تنتصر بعد في تونس ومصر وليبيا , ومعنى أنها لم تتم نصرها يختلف من دولة لأخرى.
في ذروة هذا المشهد في جناح الأمة الغربي تحركت مواقع أخرى في الشرق ( في اليمن والأردن والعراق والبحرين ) كما تحركت المغرب , وإن كنا نبارك هذا الحراك لكن دعونا نؤكد أنه حراك يمتطي صهوة الموجة دون أن يكون استعد لها فليس صحيحا أن الثورة في مصر عفوية وليس صحيحاً أن حسنى مبارك ونظامه انتهى , فكما تتعلم الشعوب من بعضها فإن الأنظمة تتعلم من بعضها أيضاً فأي انتكاسة سوف تشجع الأنظمة على الصمود والمقاومة ثم أن أي حراك شعبي لن ينفع فيه الحماسة وحدها , فهو بحاجة اليوم لما يشبه العقيدة الراسخة والقوية لدى الجماهير بمطالبها واستعدادها لدفع التضحيات وبحاجة أن تنظم نفسها جيدا لكل الاحتمالات , فقد تبين أن الثورة المصرية كانت على حافة الخطر ليلة الأربعاء السوداء يوم هجوم أزلام النظام الذين سموا زورا بلطجية وهم قوات أمن مدربة و ( لولا القتال المستميت والإستعداد المسبق للقتال من قبل شباب الإخوان لسقط ميدان التحرير ) ( حافظ الميرازي بالنص ) .
أيضا مما تفاجأ به البعض خصوصا في لبيبا هو فقدان الاتصالات والانترنت والفضائيات مما مكن النظام من الفتك بالناس ولولا تدارك هذا بطرق عبقرية والحجم الكبير لقوى المعارضة في خارج ليبيا لما شعر الناس بحجم المذبحة في وقت معقول . ومفهوم أن المعرفة بحدوث المجازر يساهم في تأجيج الثورة ومحاصرة النظام عالميا.
ومما يربك المشهد هو أن الساحات العربية تتحرك أو تريد أن تتحرك كلها دفعة واحدة مما يجعل التغطية الإعلامية قاصرة ومشتتة , خصوصا إذا علمنا أن الإعلام الغربي غائب عمداً كما أظن عن هذه الحراك , فلو تابعنا أشهر الفضائيات الأمريكية فإنها لا تهتم كثيرا بما يجري بل الأرجح أنها غير مرتاحة له ( مثال CNN ).
أظن أن الحراك الشعبي بحاجة لترشيد وبحاجة أن يتوجه لنصرة الثورات التي قطعت شوطا بعيدا كما هو حال تونس وليبيا ومصر , فقد آلمنا والله مرارة الكوى من الإخوة اللبيين في بداية ثورتهم من تجاهل ثورتهم شعبيا وإعلاميا خصوصا من الشعوب العربية.