بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
نعم! قد يتحوّل الذنب الصغير إلى ذنب كبير وهناك سبعة أسباب تجعل الذنب الصغير يتحوّل إلى ذنب كبير! في هذا الموضوع المتجدّد سأضع لكم بين الحين والآخر شرحاً لهذه الأسباب السبعة التي تحوّل الذنوب الصغيرة إلى ذنوب كبيرة!
كيف ولماذا ومتى يكون الذنب الصغير ذنباً كبيراً ؟
كل هذه التساؤلات ستجدون الإجابة عليها من خلال متابعتكم للموضوع .. وحالياً سأكتفي بوضع العناوين وفي وقت لاحق شرح مبسّط مع أمثلة لكل عنوان من العناوين الـ 7 !
الموارد التي يتبدّل فيها الذنب الصغير إلى ذنب كبير ويتلبّس بأحكام الذنوب الكبيرة 7،، وهي:
1. الاصرار على الذنب الصغير.
2. الإستهانة بالذنب.
3. الإبتهاج عند ممارسة الذنب.
4. إقتراف الذنب عند الطغيان.
5. الغرور عند إرخاء الستر الإلهي.
6. التجاهر بالذنب.
7. ذنب الأشخاص ذوي المركز الإجتماعي
معنى الذنب: المخالفة، فكل عمل من الأعمال التي تخالف الاوامر الالهية يعد في نظر الاسلام ذنباً.
وهناك اصطلاحات كثيرة ومختلفة في القرآن الكريم وروايات أهل البيت (ع)، ويكشف كل منها عن قسم من الآثار السيئة للذنب ويبيّن الأنواع المختلفة له، والمصطلحات التي وردت في القرآن الكريم عبارة عن ( الذنب - المعصية - الاثم - السيئة - الجرم - الحرام - الخطيئة - الفسق - الفساد - الفجور - المنكر - الفاحشة - الخبط - الشر - اللمم - الوزر والثقل - الحنث ).
أمـا في الروايات فقد جاءت اصطلاحات اخرى للذنب منها ( الجريرة، الجناية، الزلة، العثرة، والعيب ... ).
(2)
وينقسم الذنب إلى قسمين، وهما:
1. الذنوب الكبيرة.
2. الذنوب الصغيرة.
وبالرغم من أنّ كل ذنب مخالف للأوامر الإلهية يُعتَبَر كبيراً وثقيلاً، ولكن هذا الموضوع لا ينافي كون بعض الذنوب من حيث آثارها الوخيمة أكبر من البعض الآخر.
وقد نشأ هذا التقسيم من القرآن الكريم والروايات، مثلاً نقرأ قوله سبحانه وتعالى (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفّر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً)، وأيضاً قوله عزّ وجلّ (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ممّا فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرةً إلاّ أحصاها).
(3)
أما كيفية تشخيص الذنوب الكبيرة فهناك اختلاف كثير بين اقوال العلماء ومن جملة تلك الأمور التي قيلت:
1. كل ذنب وعد الله سبحانه وتعالى له في القرآن الكريم عذاباً.
2. كل ذنب عيّن له الشارع المقدس حداً معيناً ( كشارب الخمر والزاني، والسارق، وامثالها ، فحدودها الجلد والقتل والرجم ).
3. كل ذنب يدل على الاستهانة بالدين والامبالاة به.
4. كل ذنب ثبتت حرمته وأنّه ذنب كبير بالأدلة القاطعة.
(4)
وفيما يلي بعض الذنوب الكبيرة كما جاء عن الإمام الخميني (قُدِّسَ سُرُّه) :
( الشرك بالله تعالى وإنكار ما أنزله ومحاربة أوليائه، اليأس من رحمة الله، الكذب على الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصيائه (ع)، عقوق الوالدين، اكل مال اليتيم ظلماً، قطيعة الرحم، الزنا، اللواط، السرقة، كتمان الشهادة في مورد تكون الشهادة عليه واجبة، نقض العهد، شرب الخمر، الربا، القمار، اكل الميتة والدم، اكل لحم الخنزير، معونة الظالمين والركون اليهم، حبس الحقوق من غير عذر، الكذب، التكبر، الاسراف والتبذير، الخيانة، الغيبة، النميمة، الاستخفاف بالحج، ترك الصلاة، منع الزكاة ).
إليكم تفصيل السبب الأوّل من الأسباب التي تجعل الذنب الصغير ذنباً كبيراً ،،
1. الاصرار على الذنب الصغير :
إنّ ممارسة الذنب الصغير لعدة مرات يعد ذنباً كبيراً واذا لم يبادر المرتكب للذنب الى التوبة والاستغفار يحسب اصراراً على المعصية.
فمثلاً: لو نسج الخيط مع الشعر لصار حبلاً قوياً فعندها لا يكون خيطاً ولا شعراً بل هو حبل قوي.
ففي سورة آل عمران ( الآية 135 ) نقرأ : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ - أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
قال الامام الباقر ( عليه السلام ) في شرح هذه الآية : الاصرار هو أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله فلا يحدث نفسه بتوبة، فذلك الاصرار .
أي أن يذنب الذنب ولا يستغفر الله عليه لأن ذاك الذنب صغير في نظره ولا يستحق النظر إليه!!
قال أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) : إياك والاصرار فأنه من أكبر الكبائر واعظم الجرائم
قال الامام الصادق ( عليه السلام ) :
ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نزل بأرضٍ قرعاء فقال لاصحابه: ائتوا بحطبٍ ،
فقالوا : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب، قال ( صلى الله عليه وسلم ) : فليأت كل إنسان بما قدر عليه، فجاؤوا به حتى رموا بين يديه بعضه على بعض،
فقال الرسول الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : هكذا تجتمع الذنوب،
ثم قال: إياكم والمحقرات من الذنوب، فان لكلّ شيء طالباً ألا وإن طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمامٍ مبين.
اشارة الى قوله تعالى في سورة يس الآية 12 :
( .. وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) .
قال الامام الصادق ( عليه السلام ) : لا صغيرة مع الإصرار .
مثال من الواقع:
لو طلب منك والدك أو والدتك إغلاق باب الغرفة بعد خروجك منها، لكنك تخرج من الغرفة دون أن تغلق الباب.. فتنبهك مرة أخرى وأخرى لكنّك أيضاً تتجاهل وتصرّ على أن يبقى الباب مفتوحاً، حينها لو قيل لك أنت غير مُطيع فهل ستقول لماذا فأنا فعلت شيء بسيط ولا داعي للإعتذار من أمي أو أبي؟
نعم قد يبدوا ترك الباب مفتوحاً أمراً بسيطاً .. لكن تكراره يُعتبر لا مبالاة وعدم إحترام وربّما عقوق .. وبذلك يصبح هذا الفعل الصغير فعلاً كبيراً وشنيع!!
وأيضاً :
قد يقول والدك أو والدتك لك بعد هذا العصيان: لقد طلبت منك هذا الشيء البسيط ولم أجدك مطيعاً .. فكيف يمكنني أن أثق بك في أمور أكبر؟ ما دام هذا الطلب التافه والبسيط لم تلتزم به فهل تعتقد بأنّك ستمتنع عن أمور أخرى سيئة أكثر؟
أجارنا الله وإياكم وجميع المؤمنين والمؤمنات من محقرات الذنوب
*** همسات القلوب ***