وقد صارَع النبي جماعة، منهم ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب، وكان بمكّة ويُحسِن الصراع ويأتيه الناس من البِلاد فيَصرُعُهم، قال ابن إسحاق: لقيَه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في شعب من شعاب مكّة فقال له: يا ركانة، ألا تتّقِي الله وتقبَل ما أدعوك إليه؟ فقال: يا محمد هل لك من شاهد يدلُّ على صدقك؟ فقال: أرأيتَ إن صرعتُك أتؤمِن بالله ورسوله؟ قال: نَعم.
وقال البلاذُري: إن السّائِل للمصارعة هو ركانة، فقال له: تهيّأ للمصارَعة. فقال: تهيأتُ فأخذه ثم صرعَه، فتعجّب من ذلك ركانة، ثم سأله الإقالة ممّا توافَقا عليه، وهو الإيمان والعودة إلى المصارَعة، ففعل به ذلك ثانيًا وثالثًا، فوقَف ركانة متعجِّبا وقال: إن شأنك لعَجيب، وأسلم عقِبها، وقيل أسلمَ في فتح مكَّة.
رواه الحاكم وأبو داود والترمذي، كما صارَع النبي ابن ركانة واسمه يزيد، فقد جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومعه ثلثمائة من الغنم، فقال: يا محمد هل لك أن تصارِعَني؟ قال: وما تجعل لي إن صرعْتُك؟ قال: مائة من الغنم، فصارَعه فصرَعَه، ثم قال: هل لك في العَود؟ قال: وما تجعل؟ قال: مائة أخرى: فصارَعه فصرَعَه، وذكر الثالثة، فقال: يا محمد، ما وضع جَنبيَ في الأرض أحدٌ قبلك، ثم أسلم وردّ عليه غنَمَه، رُوِيَ عنه أنه قال:ماذا أقول لأهلي؟ شاة افترسَها الذئب، وشاة شذّت منِّي، فماذا أقول في الثالثة؟ فقال له النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ " ما كنا لنجمعَ عليك فنصرعُك ونُغرمُك، خذْ غنمَك وانصرِف (ذكره الزرقاني في شرح المواهب ج 4 ص 293) وكذلك صارَع النبي أبا الأسود الجمحي، وكان رجلًا شديداً بلغ من قوته أنه كان يقف على جلد البقرة ويتجاذَب أطرافَه عشرة لينزِعوه من تحت قدميه فيتفرّى الجلد ولم يتزحزحْ عن