اللياقة الهوائية، أو إيروبيك > ثانياً: لياقة العضلات > ثالثاً: لياقة الشد والمرونة > رابعاً: لياقة توازن لبّ الجسم اللياقة إحدى الكلمات المطاطة والواسعة في ما يُمكن أن تُستخدم فيه لوصف درجات معينة من القدرة والكفاءة. ولذا نسمع عن فلان يليق لفلانة، وذاك يتمتع بلياقة في خفة الحركة والحفاظ على التوازن الجسدي، وتلك لديها لياقة عالية في التعامل مع المشاكل والصعوبات الوظيفية. واللياقة وإن كانت تشمل وصف مدى القدرة والكفاءة على أداء وظائف حياتية شتى، إلا أن الغالب استخدامها في وصف جانب قدرات الكفاءة البدنية.
وفي الجانب البدني، يختلف الناس في مدى حرصهم على بلوغ درجات متفاوتة من اللياقة الجسدية، بل ويختلفون في مدى حاجتهم لأنواع متنوعة من اللياقة. ولذا يظل لدى البعض مفهوم اللياقة البدنية شيئاً غامضاً وربما خاضعاً لاعتبارات وهمية خيالية، في حين يظل لدى آخرين واضحاً وفق احتياجات واقعية ممكنة التحقيق.
اللياقة البدنية منظومة متكاملة، تتطلب العمل على أربعة جوانب، بمحصلتها نتمكن من الحفاظ على صحة أجسامنا، واستخدامها أفضل ما يُمكن، وتقليل احتمالات تعرضنا للحوادث والإصابات.
* أنواع من اللياقة
* لأصل في إدراك الأشياء بالعلم، هو تصورها. ولكي يُدرك أحدنا ما الذي عليه أن يتمتع به من اللياقة البدنية، عليه أن يتصور ما الذي يُريده هو من بدنه، وما الذي يُريده بدنه منه. والأساس الأول في حاجتنا إلى أبداننا هو الحفاظ عليها سليمة ومعافاة من أي آفات أو أمراض أو ضعف. والأساس الثاني هو الكفاءة والقدرة على استخدامها في تحقيق وتلبية وجلب ما نحتاجه، أو نطمح إليه، مما هو حولنا. سواءً كانت تلك الاحتياجات أو الطموحات ضرورية أو ترفيهية.
وفي جانب الحفاظ على سلامة البدن، تكون اللياقة البدنية وسيلة لتنشيط عمل أعضاء معينة في الجسم ولحفظها سليمة من الأمراض أو الضعف. وهناك أعضاء تحتاج اللياقة البدنية، بأنواع مظاهر تمارينها، بشكل مباشر في تحقيق تلك الغايات. ومنها القلب والرئتان والأوعية الدموية والجهاز العصبي والمفاصل والعظام والعضلات. وهناك أعضاء تستفيد بشكل غير مباشر من تحقيق أنواع مهمة من اللياقة البدنية. ومنها الكلى والكبد والجهاز الهضمي وجهاز المناعة وغيرها.
وفي جانب الكفاءة والقدرة على تحقيق غايات ترفيهية أو معيشية معينة، تتفاوت الحاجة إلى مستوى ونوعية اللياقة البدنية. ومثلاً لياقة لاعب رفع الأثقال تختلف عن لياقة أحدنا في القدرة على حمل الأمتعة والحاجات الشخصية. ولياقة لاعبي مسابقات الماراثون أو المسافات القصيرة تختلف عن اللياقة الحركية التي يحتاجها الإنسان العادي في تنشيط القلب والرئتين والأوعية الدموية للحفاظ على سلامتها من الأمراض أو الضعف. وهكذا دواليك.
والإنسان العادي، غير ذلك الشخص الرياضي المشغول بحمى المنافسات والمباريات، يحتاج أربعة أنواع من اللياقة البدنية. وعليه الاهتمام بتنمية مستوى معين من اللياقة البدنية فيها. وهذه الأنواع هي: • أولاً: اللياقة الهوائية، أو إيروبيك. • ثانياً: لياقة العضلات. • ثالثاً: لياقة الشد والمرونة. • رابعاً: لياقة توازن لبّ الجسم.
* لياقة «إيروبيك» الهوائية وتُعتبر اللياقة الهوائية، أو لياقة قدرات أداء تمارين إيروبيك، هي حجر الزاوية في جميع برامج التدريب على اللياقة البدنية. أي في تلك الأنواع الثلاثة الأخرى من اللياقة البدنية. والأساس في فهم معنى عبارة «تمارين إيروبيك الهوائية» هو العمل الذي يبذله أحدنا كي يتمكن من التنفس بعمق وبسرعة، للتمكن من زيادة كمية الأوكسجين المتوفر في الدم، ثم العمل على النجاح في توصيل أكبر كمية ممكنة من الأوكسجين للأعضاء التي تحتاجه، أي إلى جميع أعضاء الجسم. ومعلوم أن بعملية التنفس يدخل الهواء الخارجي إلى الرئة، ثم يتعرض للشعيرات الدموية التي تستخلص الأوكسجين من الهواء لتُحمله في كريات الدم الحمراء. وأن القلب يضخ الدم المُحمل بالأوكسجين، والقادم من الرئة، إلى جميع أنحاء الجسم عبر قوة انقباض عضلة القلب. ولذا فإن نجاح تزويد أعضاء الجسم بالكمية اللازمة من الأوكسجين، الذي هو عصب الحياة، يتطلب رئة سليمة في بنيتها وقوية في عملها، ويتطلب أوعية دموية نظيفة ومرنة وخالية من أي إعاقات في مجاريها، ويتطلب قلباً قوياً قادراً على استيعاب الدم القادم إليه وقادراً على ضخه بالقوة اللازمة لإيصاله إلى أعضاء الجسم البعيدة والقريبة منه. ولتحقيق هذه الغاية نحتاج إلى وسيلة، أو مُحفز، يضمن لنا تنشيط الرئتين والقلب والأوعية الدموية، في عملية متناغمة ومتنامية القدرات. وصولاً إلى مرحلة تكون فيها كفاءة هذه الأعضاء عالية في أداء عملية إيصال الأوكسجين للأعضاء المختلفة بالجسم.
والوسيلة الأفضل والأسهل والأبسط والأكفأ، والتي تم التوصل إليها بعد مراحل من البحث والاختبارات العلمية، هو جعل «حركة العضلات المتطلبة للأوكسجين» محفزاً أساسياً لتنشيط عمل الرئتين والقلب والأوعية الدموية، أي القيام بأي نوع من المجهود العضلي باستخدام تحريك مجموعات من العضلات الكبيرة في الجسم، بهدف تنشيط ضخ الدم من القلب للرئتين وللجسم. والمهم أن يتم هذا المجهود العضلي بالتدرج، أي أن لا يتم إجهاد العضلة بسرعة وبقوة، وإلا فإن الحركة العضلية ستتحول إلى نوع أنإيروبيك اللاهوائية. ومن أفضل أنواع تمارين إيروبيك، الهرولة لمدة نصف ساعة يومياً. وذلك بأن تكون الخمس دقائق الأولى والأخيرة متدرجة في زيادة السرعة وفي تخفيفها، على التوالي. ويمكن أداء الهرولة مرة واحدة ولمدة نصف ساعة، كما يُمكن تقسيم تلك النصف ساعة اليومية إلى فترتين، كل منهما تبلغ ربع ساعة. وهناك أنواع أخرى من تمارين إيروبيك، مثل السباحة أو ركوب الدراجة الهوائية أو القيام بحركات رياضية راقصة أو غيرها من أنواع تمارين إيروبيك.
* اللياقة العضلية
* العنصر الثاني في اللياقة البدنية، هو اللياقة العضلية. وهي تختلف تماماً عن لياقة تمارين "إيروبيك" الهوائية. وللتوضيح، فإن تمارين «إيروبيك» الهوائية تستخدم بعض عضلات الجسم، خاصة العضلات الكبيرة، كشيء مُحفز لزيادة عمل الرئتين والقلب والأوعية الدموية. بينما لياقة العضلات تتجه نحو الاهتمام بعضلات معينة ابتغاء رفع قدرات استخدامها بذاتها في أداء أنواع شتى من الحركات الحياتية. وهنا يتم اللجوء إلى تمارين «التقوية»Strength Training. والعمل على بناء اللياقة العضلية، وتحقيق ذلك، يُؤدي إلى تقليل كمية الشحوم في الجسم، ويرفع من حجم العضلات الخالية من الشحوم، ويزيد من حرق الطاقة. كما أن بناء عضلات قوية يحمي المفاصل من الإصابات ويُعزز من قدرات الجسم على التحمّل. هذا بالإضافة إلى تحسين فرص سرعة الخلود إلى النوم والاستغراق فيه.
ولعل من أفضل التعليقات على أهمية العناية ببناء كتلة وحجم العضلات، كأحد أعضاء الجسم الأساسية، تلك التي صدرت عن الدكتور إدوارد لاسكويسكي، المتخصص في طب العلاج الطبيعي والتأهيل في مايو كلينك والمدير المساعد لمركز مايو كلينك للطب الرياضي، بقوله: حينما لا تقوم بشيء ما للاهتمام بالعضلات فإنك ستفقدها، وستحل كميات من الشحم مكان الكتلة العضلية، في إشارة منه إلى أن كتلة العضلة مكونة طبيعياً من الألياف العضلية الغنية بالبروتينات.
وهذا التركيب العضلي الطبيعي هو ما يُعطي المرء القدرة على القيام بالحركة، وهو أيضاً ما يُؤمن لنا «موقداً» دائم الاشتعال ودائم الطلب على مصادر الطاقة لحرقها. وحينئذ، يُمكن للمرء التخلص من كميات الشحم باستهلاك العضلات لها في إنتاج الطاقة اللازمة لحركة العضلات. وحينما لا يكون في الجسم كتلة طبيعية وجيدة من العضلات، فإنه لا يكون هناك ذلك «الموقد» الذي يستهلك الشحوم. وبالتالي ستتراكم الأنسجة الشحمية في البطن والأرداف وغيرها من مناطق الجسم. والأكثر ضرراً، هو تراكم الشحوم في العضلات نفسها. وهنا يحصل فوق مشكلة زيادة الكتلة الشحمية في الجسم، مشكلة أخرى، وهي فقد العضلات لنسبة مهمة من كتلة النسيج العضلي في بنائها. وبالتالي فإن قوة «الموقد» الحارق للدهون تضعف، وقوة العضلة نفسها في القيام بالحركات تضعف هي الأخرى.
وتظهر هذه المشكلة، أي تراكم الشحوم في العضلات نتيجة عدم استخدامها وتمرينها وبنائها، لدى النساء عموماً، ولدى الذين تجاوزوا سن الخمسين، ولدى منْ هم دون ذلك في العمر من الرجال الذين يُمارسون أعمالاً مكتبية. وتُوفر غالبية مراكز اللياقة البدنية العديد من أجهزة مقاومة العضلات، وأوزان حرة مختلفة الثقل، ووسائل أخرى للقيام بتمارين التقوية. وللإنسان، إن توفرت له تلك المراكز الرياضية، أن ينضم إليها ويُتابع تدريباته العضلية من خلال برامجها، وتحت إشراف متخصصين في توجيهه نحو كيفية البدء والتدرج في ممارسة التمارين، وصولاً إلى مراحل مستقرة في تمارين التقوية. إلا أن من الممكن ممارسة تلك التمارين دون الحاجة إلى الانضمام إلى أي من تلك المراكز، حال عدم توفرها أو حال عدم وجود الوقت الكافي للذهاب إليها. وذلك مثل استخدام قوارير المياه البلاستيكية عند تعبئتها بالرمل، كجزء من تمارين الأوزان الحرة Free Weights، ومثل الاعتماد على وزن الجسم في تمرين بناء العضلات، مثل تمارين رفع الجسم بالاعتماد على الكفين حال التمدد على الأرض Push-ups، وغيرها من التدريبات.
ومن الضروري ملاحظة أن المرء ليس عليه قضاء وقت طويل يومياً في تمارين بناء العضلات، بل تكفيه مرتان أسبوعياً من حصة تمارين تبلغ حوالي عشرين دقيقة. والنتيجة ستظهر خلال بضعة أسابيع من المداومة على ذلك. ويُؤكد المتخصصون في مايو كلينك أن الانتظام في ممارسة تمارين بناء العضلات، وفق تلك المدة والوتيرة الأسبوعية، يُؤدي إلى رفع قوة العضلات بنسبة 50% على أقل تقدير خلال فترة ستة أشهر. ولذا فإن المهم هو البدء والاستمرار، ضمن تمارين متوسطة الجهد ومتوسطة المدة. والهدف الأساسي ليس بناء كتل ضخمة من العضلات، كالتي يسعى إليها لاعبو «كمال الأجسام» بل هو صحة وعافية ونشاط أفضل.
* لياقة الشد والمرونة
* وتمارين إيروبيك الهوائية وتمارين بناء العضلات، تعمل على انقباض العضلات وانبساطها. ولتحقيق نوع مهم من التوازن في برامج التدريب على نوعي اللياقة هذين، نحتاج الى أن تكون لدى العضلات قدرات في مرونة الشدّ والارتخاء، أي لياقة في إتمام هاتين العمليتين دون أي صعوبات ودون حصول إصابات مفاجئة في تمزق بناء العضلة وأوتارها. وهو ما يُطلق عليه «لياقة مرونة الشد».
وبالإضافة إلى سهولة القيام بتمارين إيروبيك وتمارين بناء العضلات، فإن تمارين «لياقة مرونة الشد» تُعطي الجسم مزيداً من الرحابة في مدى حركة المفاصل، عبر رفع قدرة استخدام الطول الأقصى والشد الأقصى للعضلات. وأيضاً في رفع مستوى انضباط وضعية كامل الجسم Posture. وكذلك في تنشيط تدفق الدم إلى العضلات. وهذه الأساسيات من الضروري فهمها للاقتناع بأهمية «لياقة مرونة الشد» وممارستها. ناهيك عن فائدتها الأساسية في منع الإصابات أثناء التمارين، أو أثناء الحياة العملية. ومن المهم أيضاً فهم الوقت الأفضل لممارسة تمارين «لياقة مرونة الشد». وهو بُعيد الفراغ من تمارين الإيروبيك أو بناء العضلات، أي في الوقت الذي تكون فيه العضلة مُستخدمة ودافئة. لأنها في هذا الوقت «ناضجة» كي تتقبل الشد. ولذا، بدلاً من الذهاب إلى الاستحمام مباشرة بُعيد الفراغ من التمارين، حاول تمضية بضع دقائق في شد تلك العضلات التي استخدمتها للتو في التمارين السابقة، ثم اذهب للاستحمام. و«سخونة» العضلة أساس في عدم حصول تمزق العضلة «الباردة» بالشد.
ويتم التركيز على شد العضلات الكبيرة، أي عضلات الفخذين وعضلات الوركين وأسفل الظهر والعنق وعضلات خلفية الساقين، أو «بطة الساق». ويتم الشد ببطء وتوازن، والمحافظة عليه، في احدى عضلات جانب من الجسم، لمدة حوالي 30 ثانية. ثم تكرار ذلك في الجهة الأخرى من الجسم. واحرص على عدم الشد فوق طاقة تحمّل العضلة، والضابط هنا هو الشعور بالألم. وبالأصل، لا يتم شد أي عضلة تشكو فيها من أي ألم. وبعد تلك التمارين، خذ قسطاً من الراحة وحاول أن تتنفس آنذاك بعمق. ولا تُوجد نصائح خاصة بعدد تكرار الشد، إلا أن الأفضل ممارستها باعتدال بُعيد الفراغ من التمارين المعتادة.
وعلينا تذكر أن فهم أهمية ووقت وآلية ممارسة تمارين «لياقة مرونة الشد» ضروري جداً.
* لياقة توازن لبّ الجسم
* والعضلات الأساسية في تكوين لبّ الجسم Body Core Muscles، هي عضلات البطن وأسفل الظهر والحوض. وهذه العضلات مهمة جداً في دعم توازن وثبات كامل بناء الجسم. وذلك في كل الأوضاع، أي حال الجلوس، والاستلقاء، والوقوف، والهرولة، وممارسة الانحناء في أي صورة، وغيرها من الأوضاع.
ويُشير المتخصصون في اللياقة البدنية بمايو كلينك إلى أن العنصر الأخير، والمُكمّل لأي برنامج لياقة بدنية، هو تقوية عضلات لبّ الجسم. وذلك في معرض تعليقهم على إهمال الكثيرين الاهتمام بهذا الجانب من اللياقة. وذكروا أن غالبية ممارسي التمارين الرياضية لا يُمارسون من تمارين توازن لب الجسم سوى تمارين تكوير البطن لشد عضلات جداره Abdominal Crunches، أو تمارين الجلوس ورفع الجسم إلى أعلى Sit-up.
ولإدراك أهمية تمارين «توازن لبّ الجسم» علينا فهم الآتي: ان لبّ الجسم مكون من الصدر والبطن والحوض. وحينما يكون ثمة توازن وثبات جيد للبّ الجسم، فإن عضلات الحوض وأسفل الظهر والوركين والبطن، تعمل في تناغم وتناسق. وهذا التناغم والتناسق أساس في عدم إجهاد أي منهما فوق طاقة التحمل، أي أساس في عدم حصول آلام أسفل الظهر مثلاً، كما أنه أساس رفع قدرة وقوة العضلات تلك للمساندة ولسهولة قيام الجسم ككل بأي حركات وأنشطة خلال الحياة اليومية وخلال التمارين الرياضية. وذلك مثل الانحناء لربط شرائط الحذاء وارتدائه، وإنزال الأشياء من فوق الخزائن، وحمل الأغراض، وممارسة ألعاب الرياضة، وغيرها. والأهم، لدى الكثيرين من النساء والرجال، تشكيل قوام متناسق وجذاب للجسم، والحفاظ على ذلك، خلال الوقوف أو المشي أو الجلوس أو غيره. والنجاح في اكتساب لياقة توازن لبّ الجسم لا تأتي بـ «بلاش» ودون بذل مجهود. بل تتطلب ممارسة تمارين رياضية مخصوصة وموجهة نحو تنمية العضلات تلك وقدراتها <
* استخدام الأوكسجين بين تمارين إيروبيك الهوائية وأنإيروبيك اللاهوائية
* السؤال الذي قد يطرحه البعض: هل هناك «حركة عضلات» تتطلب استخدام الأوكسجين و«حركة عضلات» لا تتطلب استخدام الأوكسجين؟.
والجواب: نعم، إذْ تختلف العضلات، عند القيام بحركاتها الانقباضية والانبساطية، في مدى احتياجها للأوكسجين في إنتاج الطاقة اللازمة لأداء الحركة.
والواقع أن لدينا نوعين من حركة العضلات. نوع يُسمى حركة هوائية، أو إيروبيك Aerobic Exercise، وفيها يجب توفر الأوكسجين لإنتاج الطاقة اللازمة للحركة. ومن أمثلتها المشي السريع والهرولة والسباحة وركوب الدراجة الهوائية وغيرها. ونوع آخر يُسمى حركة لاهوائي، أو أنإيروبيكAnaerobic Exercise، وفيها تستخدم العضلة طرقاً كيميائية خالية من الأوكسجين لإنتاج الطاقة. ومن أمثلتها تمارين القوة بحمل الأوزان ورفع الأثقال وغيرها من تمارين إجهاد العضلات.
وكان الدكتور كينيث كوبر، المتخصص في فسيولوجيا التمارين بالقوات الجوية الأميركية، قد وضع لأول مرة مُصطلح «إيروبيك» في عام 1968 ضمن كتابه «إيروبيكس»، لوصف حركة العضلات المتطلبة للأوكسجين في إنتاج الطاقة. وذلك للتفريق بين تلك النوعية من الحركة ونوعية أنإيروبيك لحركة العضلات غير المتطلبة للأوكسجين. وتشير مصادر تاريخ الطب الى أن صدور الكتاب أتى في وقت مناسب، وذلك مع بدء انتشار الكسل والاعتماد على وسائل النقل الحديثة ومع بدء ظهور الانتشار المرتفع لأمراض القلب والأوعية الدموية بصفة وبائية في العالم. ولذا حقق الكتاب آنذاك أعلى المبيعات.
ونوعا حركة العضلات يختلفان في مدة وشدة انقباض العضلة خلال الحركة الواحدة، وبالتالي في كمية الطاقة المُستخدمة لتحريك العضلة.
ومعلوم أن العضلة تختزن سكر الغلوكوز البسيط على هيئة مركب معقد يُدعى غلايكوجين Glycogen. والذي يجري في بداية تمارين إيروبيك الهوائية هو تفتيت مادة غلايكوجين لإعطاء الغلوكوز، والذي بدوره يتم حرقه باستخدام الأوكسجين لإنتاج الطاقة. وهنا لو تم التدرج في تحريك العضلة، من دون الضغط عليها بالقيام بحركات عضلية قوية في وقت قصير، فإن العضلة ستأخذ راحتها في العمل على تفتيت الغلايكوجين والعمل براحة أيضاً على حرق الغلوكوز باستخدام الأوكسجين. وهذا هو السر في حركات إيروبيك العضلية. بينما لو تم بسرعة إجهاد العضلة وطُلب منها بذل قدر كبير من الجهد وخلال وقت قصير فإن العضلة ستكون مضطرة لتلبية حاجتنا وستُنفذ المطلوب منها ولكنها ستلجأ إلى وسائل بديلة لإنتاج الكمية اللازمة من الطاقة لتحريك العضلة بتلك الكيفية. أي أنها ستلجأ لا محالة إلى الطريق اللاهوائي الذي لا تستخدم الأوكسجين فيه.
لذا هناك فرق واضح بين قطع مائة متر هرولة، وقطع تلك المسافة بالجري السريع جداً. كما أن هناك فرقا بين استخدام عضلات العضد والساعد في السباحة واستخدام نفس العضلات في رفع الأثقال أو تمارين بناء العضلات بحمل قطع الحديد. والسبب أن في هرولة مائة متر أو في السباحة، لا يتم إجهاد العضلات بشدة، بل بدرجة متوسطة. الا انه وفي حالة قطع مسافة سباق مائة متر بالجري السريع، يتم إجهاد العضلة لتعمل بأقصى طاقة في وقت قصير جداً. وكذا خلال رفع الأثقال.
وعليه فإن تمارين إيروبيك الهوائية هي تلك التمارين التي يتم فيها تحريك العضلة بدرجة متوسطة وبتكرار لمدة طويلة. بينما تمارين أنإيروبيك اللاهوائية هي تلك التمارين التي يتم فيها تحريك العضلة بدرجة شديدة لمدة قصيرة ومن دون تكرار سريع.
* بناء العضلات.. تحتاجه أجسام الرجال والنساء
* من المهم فهمنا لأهمية بناء العضلات، للرجال وللنساء أيضاً. وبعبارة أخرى، نحن نحتاج أن نبني كتلة وحجم العضلات في أجسامنا لتحقيق غايات عدة ومهمة جداً، هي:
• نمو عظم قوي. وعبر إجهاد العضلات، خاصة تلك القريبة والملتصقة بالعظم، وبزيادة تدفق الدم إليها، يزداد تدفق الدم إلى العظام، وبالتالي تزويدها بالغذاء. وحينما يتم إجهاد العضلات والعظام، ترتفع مكونات كتلة العظم، وتقل احتمالات ضعف العظم وإصابته بالهشاشة وسهولة إصابته بالكسور.
• ضبط وزن الجسم. كلما زادت كتلة العضلات، زادت قوتها في حرق الطاقة. وبالتالي زادت عملية حرق الشحوم وقللت احتمالات السمنة.
• تقليل الإصابات. بناء عضلات قوية أساس في حماية المفاصل. وحينما تكون المفاصل مدعومة بأغلفة عضلية واقية، ومزودة بعضلات تُعطيها مرونة الحركة إلى أقصى درجات ممكنة، فإن القدرة على حفظ توازن الجسم تتحسن بشكل عملي واضح. وبالتالي تقل خطورة احتمالات الإصابة بحوادث السقوط أو الالتواء، وتقل حاجة كبار السن إلى الاعتماد على الغير.
• رفع القدرة على التحمّل. والإنسان، في أي عمر كان، يحتاج إلى أقصى قدر ممكن من قوة التحمل. وكلما ارتفعت قدرة تحمل الجسم على القيام بالمجهود البدني، قلّت احتمالات معاناته من سهولة التعب والإجهاد.
• زيادة الإحساس بالعافية والصحة. ومن أساسيات الثقة بالنفس، قوة وجمال تناسق الجسم. وامتلاك عضلات قوية وذات كتلة مناسبة، يُعطي الجسم أناقة وقوة.
• تحسين النوم. ويُشير باحثو مايو كلينك إلى أن من الملاحظات العلمية أن منْ يُمارسوا تمارين بناء العضلات هم أقل معاناةً من اضطرابات النوم.
• معالجة الأمراض المزمنة. وتمارين بناء العضلات، وتحقيق نتائج جيدة منها، يُقلل من شدة المعاناة من أعراض التهابات المفاصل المزمنة، وألم أسفل الظهر، والاكتئاب، ومضاعفات مرض السكري، والسمنة، وهشاشة العظم.
* 10 فوائد للياقة إيروبيك الهوائية • تقوية عضلات التنفس، لإدخال كمية كافية من الهواء إلى الرئة وإخراجها من الرئة بكل سهولة. • تقوية عضلة القلب، كي يتمكن من استيعاب الدم القادم إليه وضخ الدم اللازم لتغذية أعضاء الجسم بالأوكسجين والعناصر الغذائية وغيرها.
• إنتاج خلايا الدم الحمراء وزيادة كميات الهيموغلوبين فيها، كي ترتفع كفاءة الدم في نقل أكبر كمية ممكنة من الأوكسجين.
• زيادة كفاءة عمل الأوعية الدموية، عبر رفع مستوى مرونتها واتساع مجاريها، لتوصيل الدم إلى أرجاء الجسم كافة.
• تنشيط مرونة نبض القلب، كي يرتفع بسلاسة عند بذل المجهود البدني، وينخفض بسلاسة عند الراحة. وتحقيق خفض ضغط الدم بطريقة طبيعية لا تترك أي آثار سلبية في الجسم. • خفض نسبة الكولسترول الخفيف الضار، وخفض نسبة الدهون الثلاثية، ورفع نسبة الكولسترول الثقيل الحميد. • تقليل كمية الشحوم في الجسم، خاصة الشحوم المتراكمة في منطقة البطن.
• تقليل احتمالات الإصابة بأمراض القلب والشرايين، وتقليل احتمالات الوفيات بسببها. وخفض احتمالات الإصابة بارتفاع ضغط الدم ومرض السكري واضطرابات الكولسترول والسمنة وأنواع عدة من السرطان.
• تناغم عمل عضلات الجسم مع بعضها بعضا للقيام بحركات التنقل واستخدام الأطراف في أوضاع مختلفة. وتنشيط لياقة العضلات في الحركة والراحة، وتنشيط نمو كتلتها بصفة معتدلة ومتناسقة لقوام الجسم. وتنشيط عملية نمو العظم، وتقليل احتمالات الإصابة بهشاشة العظم. والرفع من كفاءة القيام بالمجهود البدني، وتقليل احتمالات سهولة الإصابة بالإجهاد والتعب والإرهاق.
• تحسين مستوى الحالة الصحية العقلية والذهنية، عبر تنشيط تروية الدماغ وإزالة تراكم المواد الكيميائية فيه، وبالتالي تقليل الإصابات بحالات القلق والتوتر والإحباط والاكتئاب.