هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 من تريد ان تعرف عن حياة الصحابي جعفر الطيار...........

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الفهد




عدد المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 25/12/2010

من تريد ان تعرف عن حياة الصحابي جعفر الطيار........... Empty
مُساهمةموضوع: من تريد ان تعرف عن حياة الصحابي جعفر الطيار...........   من تريد ان تعرف عن حياة الصحابي جعفر الطيار........... I_icon_minitimeالخميس مارس 03, 2011 4:21 pm


مهدوي مبتدئ
المواضيع: 35
المشاركات: 147
رقم العضوية: 19539
مدونة: عدد المقالات (0)
الراية: أخت زينبية
قدّم الدعاء والشكر: 0 مرة
تلقّى الدعاء والشكر: 0 مرة
تاريخ الانضمام: 28 نوفمبر 2008 01:55

غير متصل
عدد النقاط:11.55 نقطة

جعفر الطيار



البداية


افتقد شيخ البطحاء " أبو طالب " ابن أخيه " سيدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) " فراح يبحث عنه .

لم يكن وحده . كان معه ابنه جعفر ، و كان يومها في العشرين من عمره .

انطلق الشيخ مع ابنه إلى التلال المشرفة على مكّة و هناك وجده .

كان سيدنا محمّد يصلّي بخشوع ، و إلى يمينه فتى الإسلام علي .

كان منظرهما يبعث على الخشوع و هما يصلّيان لله خالق السماوات و الأرض خالق الكائنات ، لا يخافان أحداً إلاً الله .

التفت أبو طالب إلى ابنه " جعفر " و قال :

ـ صل جناح ابن عمّك .

أي قف إلى شماله بعد أن وقف علي إلى يمينه .

إن الطائر لا يطير إلاّ بجناحين ، فأراد " أبو طالب " عمّ النبي أن لا يبقى سيدنا محمّد بجناح واحد ، و منذ ذلك الوقت ظهر اسم جعفر في تاريخ الإسلام المشرق .

ولد جعفر بن أبي طالب بعد عام الفيل بربع قرن تقريباً ، و هو أكبر من أخيه علي بعشر سنين ، و أصغر من سيدنا محمّد بعشرين سنة تقريباً . يشبه سيدنا محمّداً ( صلى الله عليه وآله ) . نشأ في كنف عمّه العباس ، فلقد كان أبو طالب كثير العيال ، فأراد سيدنا محمّد أن يخفّف من أعبائه فأخذ عليّاً إلى منزله ، و أخذ العباسُ جعفراً .

أضاء نور الإسلام سماء مكّة ، و سيدنا محمّد يدعو الحائرين إلى النور الجديد و يدعو المقهورين و المظلومين إلى دين الحريّة و الخلاص ، و يدعو الغارقين في ظلام الجاهلية إلى نور الإسلام .

و لكن جبابرة قريش لم يكونوا ليصغوا إلى صوت الإسلام و نداء السماء فراحوا يحاربون سيدنا محمّداً و الذين آمنوا ، و يصبّون عذابهم على ضعفاء المسلمين ، فكانت السياط تنهال على بلال الحبشي و على سميّة و ياسر و غيرهم من المسلمين لا لذنب إلاّ لأنّهم قالوا ربّنا الله .



الهجرة الى الحبشة


و ذات ليلة اجتمع المسلمون عند رسول الله فقال لهم سيدنا محمّد و هو يشعر بالحزن لما يقاسونه من العذاب :

ـ إن بأرض الحبشة ملكاً لا يُظلم أحدٌ عنده ، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً و مخرجاً .

و أشرقت فكرة الهجرة في قلوب المؤمنين كما تشرق الشمس فتغمر الأرض بالنور و الدفء .

و تسلّلت مجموعة صغيرة في قلب الليل ، و عبرت البحر الأحمر إلى أرض الحبشة التي تدعى اليوم " أثيوبيا " ، و يبقى المسلمون المهاجرون هناك ، فيما تصاعد عذاب قريش على المسلمين في مكّة و اشتدّت محنتهم .

و في تلك الفترة العصيبة أمر سيدنا محمّد ابن عمّه جعفر أن يقود مجموعة أكبر إلى الحبشة .

بلغ عدد المجموعة الجديدة أكثر من ثمانين مسلماً و مسلمة . و راح جعفر يقود القافلة المهاجرة باتجاه سواحل البحر .

كان البحر هادئاً و الريح طيّبة ، و وصل المهاجرون شواطئ البحر .

و شاء الله سبحانه أن تمرّ بهم سفينة في طريقها من جدّة إلى الحبشة و يتحدّث جعفر مع ربّان السفينة ، و يوافق الرّبان على نقلهم إلى أرض الهجرة في ذلك الجانب من البحر .

انطلقت السفينة تشقّ مياه البحر ، و المسلمون يشكرون الله على أن أبدل خوفهم أمناً يعبدونه و لا يشركون به شيئاً .

كان جعفر يتفقّد بنفسه المهاجرين و خاصّة الأطفال منهم ، و كانت زوجته أسماء بنت عُميس تتفقّد النساء .

و تمرّ الأيام و الليالي و ترسو السفينة في شواطئ الحبشة و يصل المهاجرون الأرض التي أمرهم سيدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) بالهجرة إليها .

كانوا يُصَلّون لله بحرّية لا يتعرّض لهم أحد و كانوا يدعون الله في صلاتهم أن ينصر سيدنا محمداً و إخوانهم من المسلمين على جبابرة قريش الظالمين ، و لكن الأخبار التي كانت تصلهم تبعث على الحزن ، فقد استشهد ياسر و سميّة تحت التعذيب ، فكانوا يتألمون لما يحلّ بإخوتهم من العذاب ، غير أنهم كانوا يزدادون عزماً و صلابة في إيمانهم .



في مكّة


كان أبو جهل أكثر الحاقدين على سيدنا محمد و كان يخطّط للقضاء على دين الله ، يريد أن يطفئ شمعة الإسلام ليبقى الناس في ظلامٍ و جهل .

و لكن دين الله كان ينتشر مثل شذى الورود و كان يدخل الفرحة في القلوب مثل الربيع .

و ذات يوم اجتمع زعماء قريش في " دار الندوة " و راحوا يفكّرون كيف يطفئون نور الإسلام .

قال اُُُُُُُُمية :

ـ سأجعل من بلال عبرة للعبيد حتى لا يفكّرون في دخول دين محمّد .

و قال أبو جهل :

ـ نعم سوف نستمر في حصار بني هاشم حتى يموتوا جوعاً أو يسلّموا الينا محمداً لنقتله .

و قال أبو سفيان :

ـ و لكن ماذا نفعل لهؤلاء الذين يفرّون من مكّة و يذهبون إلى الحبشة .

قال أبو جهل :

ـ سوف نعيدهم :

ـ كيف ؟!

ـ نرسل إلى النجاشي هدايا كثيرة و هو صديقنا و لن يمتنع عن إجابة طلبنا .

ـ مَنْ يذهب ؟!

ـ سنرسل رجلاً ذكيّاً يعرف كيف يتفاهم مع النجاشي .

و بعد مشاورات ، استقرّ رأيهم على إرسال وفد إلى الحبشة من أجل إعادة الفارّين بالقوّة .



في حضرة النجاشي


و في الصباح انطلق " عمرو بن العاص " و " عمارة بن الوليد " باتجاه البحر و هما يحملان الهدايا إلى النجاشي ملك الحبشة .

عبر الوفد البحر في سفينة و وصل أرض الحبشة ، و انطلق إلى قصر الملك . قال عمرو بن العاص لحرّاس القصر :

ـ نحن وفد قريش إلى الملك نحمل إليه هدية .

رحّب النجاشي بالوفد و تسلّم هدايا قريش ، كما تسلّم البطارقة أيضاً هداياهم و سأل الملك عن هدفهم من الزيارة .

فقال الوفد :

ـ لقد لجأ إلى أرض الحبشة قوم من السفهاء فارقوا دين الآباء و الأجداد و لم يدخلوا دين الملك . . بل جاءوا بدين جديد لا نعرفه نحن و لا أنتم ، و لقد أرسلنا أشرافُ قريش لاستردادهم و تأديبهم .

كان ملك الحبشة رجلاً عادلاً و عاقلاً فقال :

ـ كيف أُسلّم اُناساً اختاروا بلادي و استجاروا بي ؟! و لكنّي سأسألهم فإذا تبيّن لي فساد عقيدتهم و انحرافهم سلّمتهم ، و إلاّ تركتهم يعيشون في أرضي و بلادي .

طلب النجاشي إحضار المهاجرين ، فجاءوا يتقدّمهم جعفر بن أبي طالب ، و دخل الجميع البلاط في حضرة الملك و كان من تقاليد البلاد أن يسجد كلّ من يدخل على النجاشي ، فسجد الأحباش و سجد الوفد ، و لكن المسلمين لم يسجدوا و ظلّت هاماتهم مرفوعة عالياً .

تساءل النجاشي :

ـ ألا تسجدون ؟!

أجاب جعفر :

ـ نحن لا نسجد لغير الله .

قال الملك

ـ ماذا تعني ؟

أجاب جعفر :

ـ أيُها الملك أن الله بعث إلينا رسولاً ، ثم أمرنا ألاّ نسجد لأحد إلاّ الله و أمرنا بالصلاة و الزكاة .

قال عمرو بن العاص بخبث :

ـ انّهم يخالفون دين الملك .

أشار النجاشي عليه أن يسكت ، و طلب من جعفر أن يستمرّ في حديثه .

قال جعفر بأدب :

ـ أيّها الملك كنّا قوماً أهل جاهلية . . نعبد الأصنام ، و نأكل الميتة ، و نأتي الفواحش و نقطع الأرحام ، و نسيء الجوار ، و يأكل القويّ منّا الضعيف ، حتى بعث الله إلينا رسولاً منّا نعرف نسبه و صدقه و أمانته و عفافه فدعانا إلى الله لنوحّده و نعبده ، و نخلع ما كنّا نعبد نحن و آباؤنا من دونه من الحجارة و الأوثان ، و أمرنا بصدق الحديث .

و اداء الأمانة .

و صلة الرحم .

و حسن الجوار .

و الكفّ عن المحارم و الدماء .

و نهانا عن الفواحش و قول الزور ، و أكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات .

و أمرنا أن نعبد الله وحده .

لا نشرك به شيئاً .

و أمرنا بالصلاة و الزكاة و الصيام .

فصدقناه أيُّها الملك و اتبعناه على ما جاء به من عند الله ، فعبدنا الله وحده لا نشرك به شيئاً .

فعدا علينا قومنا فعذّبونا و فتنونا عن ديننا ليردّونا إلى عبادة الأوثان . .

فلّما قهرونا و ظلمونا ، و ضيّقوا علينا . . خرجنا إلى بلادك ، و اخترناك على من سواك ، و رغبنا في جوارك و رجونا أن لا نظلم عندك أيّها الملك .

قال النجاشي باحترام :

ـ هل معك مما جاء به نبيّكم ؟

قال جعفر بأدب :

ـ نعم .

قال النجاشي :

ـ اقرأ عليّ شيئاً .

و انطلق جعفر يقرأ بخشوع آيات بيّنات من سورة مريم :

{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا .

فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا .

قَالَتْ : إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا .

قَالَ : إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا .

قَالَتْ : أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا .

قَالَ : كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا .

فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا .

فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا .

فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا .

وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا .

فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي :

إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا .

فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ .

قَالُوا : يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا .

يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا } .

بكى النجاشي و كانت دموعه تسيل على خديه ، و بكى القساوسة و الرهبان خاشعين و كان صوت جعفر ينساب في خشوع :

فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ .

قَالُوا : كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا .

قَالَ : إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا .

وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا .

وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا .

وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا .

نهض النجاشي إجلالاً لكلمات الله و قال بخشوع :

ـ إن هذا و الذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة .

و التفت إلى وفد قريش و قال بغضب :

ـ لن أُسلمهم و سأُدافع عنهم .

ثم أمر بطرد الوفد و إعادة الهدايا إليهم و قال :

ـ إنّها رشوة و أنا لا أحبّ أن أرتشي .

و التفت إلى جعفر و الذين آمنوا معه و قال :

ـ مرحباً بكم و بمن جئتم من عنده . . اشهد انّه الرسول الذي بشّر به عيسى بن مريم . . انزلوا حيث شئتم من بلادي .

و أراد النجاشي أن يعرف آداب الإسلام ، لأنّه رآهم لم يسجدوا تحية للملك ، فسأل جعفر عن ذلك فأجاب :

ـ إن تحيتنا أيُّها الملك أن نقول : السلام عليكم . .

و هي تحية من عند الله مباركة طيّبة



مؤامرة اخرى


و في اليوم التالي ذهب " عمرو بن العاص " إلى القصر و قال لصاحبه " عمارة " :

ـ سوف أنتقم هذه المرّة من جعفر . . سأقول للملك إن المسلمين يقولون في عيسى رأياً آخر .
دخل الوفد مرّة اُخرى على النجاشي و قال :

ـ أيها الملك ان هؤلاء يقولون في عيسى انّه عبد .

سكت النجاشي قليلاً ثم أمر الحارس :

ـ إنطلق إلى جعفر نسمع منه رأيه .

جاء جعفر و سلّم على الملك بتحية الإسلام قائلاً :

ـ السلام على الملك .

سأل الملك :

ماذا تقولون في عيسى ؟

أجاب جعفر بهدوء :

ـ نقول ما قال الله فيه و ما أخبرنا به رسوله .

سأل النجاشي :

ـ و ماذا يقول نبيّكم ؟

قال جعفر :

ـ هو عبد الله و رسوله و روحه و كلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول .

سكت النجاشي قليلاً ثم خط بعصاه على الأرض و قال :

ـ ما عدا عيسى بن مريم ما تقول هذا الخط .

ثم قال :

ـ اذهب إلى أصحابك . . أنتم " شيوم " في الأرض .

أي أنتم آمنون .

و فشلت مؤامرة الوفد مرّة اُخرى و عاد إلى مكّة خائباً . و من ذلك اللقاء و المسلمون ينعمون في الإقامة بأرض لا يظلم عند ملكها أحد .

و فرح سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) و المسلمون بانتصار جعفر و بقائهم في الحبشة .



إقامة طيبة


و تمرّ الأيام و الشهور و الأعوام ، و جعفر و من معه من المسلمين يسمعون أخباراً حلوة فيفرحون و أخباراً مرّة فيحزنون .فرحوا بانتهاء الحصار الذي فرضته قريش على بني هاشم ، و حزنوا لوفاة أبي طالب حامي الرسول و وفاة خديجة زوجة سيّدنا محمّد التي وقفت إلى جانبه و أنفقت كلّ ثروتها من أجل الإسلام .
ثم غمرتهم الفرحة الكبرى بهجرة سيدنا محمد إلى المدينة و قيام أوّل دولة إسلامية ترتفع فيها راية التوحيد خفّاقة .

و وصلتهم أنباء معركة بدر الفاصلة و انتصار الإسلام في حربه مع الشرك و الأوثان .

و سمعوا أخبار معركة " اُحد " فحزنوا من أجل سيدنا محمّد و ما أصابه من الجروح ثم توالت أخبار الانتصارات الإسلامية على المشركين و حلفائهم من اليهود .

و كم كانت فرحة المسلمين كبيرة و هم يرون سيّدنا محمّداً يبعث برسائله إلى ملوك العالم .

رسالة إلى هرقل إمبراطور الروم . و رسالة إلى كسرى ملك فارس .

و رسالة إلى المقوقس عظيم مصر .



رسالة إلى النجاشي


و وصل الحبشة مبعوث من قِبل سيّدنا محمّد هو عمرة بن اُمية الضمري يحمل رسالة نبيّ الإسلام ، و هذا نصّها :

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمّد رسول الله

إلى النجاشي ملك الحبشة

سلم أنت " أي أنت سالم " .

فإني أحمد الله الذي لا إله إلاّ هو الملك القدّوس السلام المؤمن المهيمن . و أشهد أن عيسى بن مريم روح الله و كلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيّبة الحصينة . . حملته من روحه كما خلق آدم بيده .

و إني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له و الموالاة على طاعته ، و أن تتبعني و توقن بالذي جاءني ، فانّي رسول الله ، و إني أدعوك و جنودك إلى الله عَزَّ و جَلَّ ، و قد بلغت و نصحت ، فاقبلوا نصيحتي ، و السلام على من اتّبع الهدى .

و انطلق جعفر مع مبعوث سيّدنا محمّد إلى قصر النجاشي و سلما على ملك الحبشة الذي تسلّم رسالة النبيّ باحترام . و عندما اطّلع على مضمون الرسالة ، نزل النجاشي عن العرش و جلس على الأرض تواضعاً و احتراماً لرسول الله سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) .

وضع الرسالة على عينيه مبالغة في التعبير عن الاحترام ، ثم أمر بأن يحضروا له صندوقاً مصنوعاً من العاج فوضع الرسالة فيه و قال :

ـ ستبقى الحبشة بخير ما ظلّت هذه الرسالة محفوظة عند أهلها .

و تقدّم مبعوث النبي ( صلى الله عليه وآله ) من الملك و قدّم إليه رسالة اُخرى يطلب فيها سيّدنا محمّد بأن يسمح للمهاجرين و على رأسهم جعفر بن أبي طالب بالعودة فقد أصبح لهم وطن .

غمرت الفرحة المسلمين بقرب العودة إلى الديار و الأحبّة و شكروا للنجاشي حسن ضيافته .

أمر النجاشي بإعداد السفن التي ستقلّ المهاجرين إلى أرض الحجاز ، و بعث معهم ممثلاً يحمل هدايا الحبشة و تحيات ملكها إلى سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) .

و ارتفعت الأشرعة استعداداً للسفر ، و بدأت رحلة العودة و المسلمون فرحون بنصر الله .



فتح خيبر


في المدينة المنوّرة كان جيش الإسلام يستعد للزحف نحو حصون خيبر اليهودية .

كان يهود خيبر يحيكون المؤامرات تلو المؤامرات لإطفاء نور الإسلام ، فكانوا يحرّضون القبائل العربية لغزو المدينة و القضاء على الدولة الإسلامية الفتية .

من أجل هذا قرّر سيدنا محمد استئصال خطرهم لينعم الناس بسلام الإيمان و الإسلام .

وصلت قوّات الإسلام الطريق الذي يربط بين قبائل غطفان و حصون خيبر لقطع الإمدادات على العدوّ و توجيه ضربة عسكرية مفاجئة .

بلغ تعداد الجيش الإسلامي ألفاً و أربعمائة مقاتل بينهم مائتا فارس ، و كان للمرأة المسلمة شرف الحضور في هذه المعركة .

كانت راية العقاب تخفق فوق سيدنا محمّد ، و جيش الإسلام يزحف باتجاه الحصون .

و في الفجر فوجئ اليهود بالمسلمين يضربون عليهم الحصار الكامل .

قاد بعض الصحابة هجمات عنيفة لم تسفر عن شيء يسخرون من سيدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) و من جنوده .

عند ذلك هتف النبي قائلاً :

لأعطين الراية غداً رجلاً يحبّ الله و رسوله و يحبّه الله و رسوله .

و في الصباح تمنّى بعض الصحابة أن يكون الراية من نصيبه ، غير أن سيدنا محمدا ( صلى الله عليه وآله ) سأل عن علي و هو أخو جعفر بن أبي طالب .

هزّ عليّ الراية بقوّة و تقدّم باتجاه الحصون اليهودية ، و عندما قتل عليّ مرحباً بطل اليهود شعروا بالخوف ، و سرعان ما تساقطت حصون خيبر الواحد تلو الآخر .

و غمرت الفرحة قلب سيدنا محمد و المسلمين و شكروا الله عز وجل أن نصرهم على أعدائهم .

و في تلك الفترة وصل مهاجرو الحبشة يتقدّمهم جعفر بن أبي طالب و تضاعفت فرحة سيدنا محمد حتى قال و البسمة تضيء وجهه :

ـ ما أدري بأيّهما أشدّ سروراً بقدوم جعفر أم بفتح خيبر .

و عانق سيدنا محمد ابن عمه جعفر و قبّل جبينه و قال : ان لجعفر و أصحابه هجرتين ، هجرة للحبشة و هجرة للمدينة المنوّرة .



معركة مؤتة


كان سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) قد بعث برسول إلى حاكم بُصرى و هي مدينة من مدن الشام ، و في أرض " موتة " أُلقى القبض عليه و سيق للإعدام ، و كان هذا العمل منافياً للأخلاق الإنسانية .

و شعر النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) بالحزن و أمر الاستعداد لحملة تأديبية .

و في شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة المباركة خرج ثلاثة آلاف مقاتل و وصيّة النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) تضيء طريقهم :

أوصيكم بتقوى الله . . اغزوا باسم الله ، فقاتلوا عدوّ الله و عدوّكم . . و ستجدون رجالاً في الصوامع معتزلين فلا تتعرضوا لهم ، و لا تقتلوا امرأة و لا صغيراً . . و لا تقطعوا شجرة . . و لا تهدموّا بناءً .

كان سيدنا محمّد قد عيّن زيد بن حارثة قائداً للجيش الإسلامي فان استشهد فالقائد جعفر بن أبي طالب فإن استشهد فالقائد الثالث عبد الله بن رواحة .

وصلت أنباء الزحف الإسلامي إلى الروم فأعدّوا جيشهم من الرومان و القبائل العربية الموالية لهم حتى بلغ عدد قواتهم مئتي ألف جندي ، و تحشّدت الجيوش في أرض البلقاء .

و قد حدث أوّل اشتباك في قرية " مشارف " في تخوم البلقاء و ظهر تفوّق الروم الهائل .

كان " هرقل " إمبراطور الروم قد أسند القيادة العامة إلى أخيه " تيودور " .

اختار الجيش الإسلامي القليل العدد أرض مؤتة لتكون مسرحاً للعمليات الحربية لتضاريس الأرض المناسبة التي تساعد المسلمين على التحصّن و التعويض عن تفوّق الروم العددي الساحق .

استعدّ زيد بن حارثة للهجوم ايذاناً ببدء المعركة . هزّ راية جيش الإسلام بقوّة و اندفع نحو قلب العدوّ ، و قد ألهب اندفاعه الحماس في القوات الإسلامية .

و حدثت معارك ضارية و قد مزّقت الرماح زيداً فهوى إلى الأرض شهيداً يلوّن الأرض بلون الشفق .

و قبل أن تسقط الراية على الأرض اندفع جعفر بن أبي طالب فامسك بها بقوّة و راح يقاتل بضراوة و ارتفع صوته وسط ضجيج المعارك مبشراً بالنصر أو الشهادة التي هي أُمنية المؤمنين :

يا حبذا الجنّة و اقترابها *** طيبة و بارداً شرابها

و الروم روم قد دنا عذابها *** كافرة بعيدة أنسابها

علي ان لاقيتها ضرابها

و لكي يعلن تصميمه على القتال حتى الموت فقد قفز من فوق فرسه الشقراء ، و هو أول من فعل ذلك في تاريخ الإسلام .

ظلّ جعفر كالجبل يتلقى الضربات بثبات يبهر الأعداء .

فكثّفوا هجومهم نحوه و هوى سيف على يده اليمنى فطارت .

أخذ جعفر راية الإسلام بيده اليسرى و راح يقاتل و هوى سيف آخر على يده فقطعها . و هنا ضمّ جعفر الراية بعضديه إلى صدره لكي تستمر المقاومة .

و في تلك اللحظات الرهيبة جاءته ضربة اُخرى فهوى جعفر معها نحو الأرض شهيداً .

و اندفع عبد الله بن رواحة القائد الثالث نحو الراية لتخفق مرّة اُخرى في سماء المعركة .

و اندفع القائد الجديد يقاتل ببسالة في صدّ هجمات الروم التي كانت تندفع كالأمواج .

و هوى عبد الله على الأرض شهيداً ، فأخذ الراية ثابت بن الأرقم و هتف بالمسلمين لانتخاب قائد جديد . و تمّ انتخاب خالد بن الوليد .

بسرعة فائقة فكّر القائد الجدبد أن أفضل ما يقوم به هو الإنسحاب فقام بعمليات تكتيكية أوهمت العدوّ .

و عندما خيّم الظلام بدأ انسحاب الجيش الإسلامي بسلام و غاب في قلب الصحراء .

و في الصباح فوجئ الروم بانسحاب المسلمين و تهيّبوا التوغل في الصحراء كما إن بسالة القوّات الإسلامية بالرغم من عددهم القليل قد قذفت في قلوبهم الخوف ففضلوا العودة .



و في المدينة


هبط جبريل على سيدنا محمد يخبره بأنباء المعركة ، و صعد رسول الله المنبر و خطب المسلمين قائلاً :

ـ أخذ الراية زيد فقاتل حتى قتل شهيداً ، ثم أخذ جعفر فقاتل حتى قُتل شهيداً ، ثم أخذ الراية عبد الله فقاتل حتى قُتل شهيداً .

و انطلق سيدنا محمد ليعزّي أسماء زوجة الشهيد العظيم .

دخل النبي الكريم فوجد أولاد جعفر جالسين و كانت اُمّهم قد فرغت من ترجيل شعورهم .

قبّل النبيّ أولاد جعفر و أجلسهم في حضنه الدافئ ، و دمعت عيناه .

شعرت أسماء بأن هناك شيئاً حصل لزوجها فقالت :

ـ أبَلغك يا رسول الله عن جعفر و أصحابه شيء ؟

أجاب النبيّ بحزن : ـ نعم أُصيبوا هذا اليوم .

و غادر النبيّ المنزل و أوصى ابنته فاطمة أن تصنع لهم طعاماً لأنّهم في مصيبة .



ذو الجناحين


و عندما عاد جنود الإسلام من مؤتة راحوا يحكون لأهليهم قصص البطولات عن جعفر بن أبي طالب و إخوانه من الشهداء .

قال أحدهم : لقد وجدنا في جسمه تسعين جرحاً .

و قال آخر : لقد رأيته عندما قطعت يده اليمنى .

و قال ثالث : و أنا رأيته عندما قطعت يده اليسرى ، ثم هوى على الأرض و جرحه تنزف دماً .

و قال سيدنا محمّد : لقد أخبرني جبرئيل إن الله عز وجل قد وهب جعفر جناحين يطير بهما في الجنّة .

و في تلك الليلة ، أوى أولاد جعفر إلى النوم ، كانوا ينظرون السماء المليئة بالنجوم و يحلمون بأبيهم الشهيد الذي يطير بجناحين كالملائكة .

اختكم شميشة
منقوول
اسألكم الدعاء


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من تريد ان تعرف عن حياة الصحابي جعفر الطيار...........
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مهم جدا عن جعفر الطيار الصحابي الجليل الحبيب
» نبذة عن جدنا الصحابي جعفر الطيار رضي الله عنه
» جعفر الطيار.. رفض التخلي عن راية الإسلام رغم قطع يديه
» محمد فريد أبو شبيكة اذا كنت تريد
» محمد فريد أبو شبيكة اذا كنت تريد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: القــــسم الاسلامـى :: المنتدى الاسلامى الحر-
انتقل الى: